عرف الإنسان البترول منذ آلاف السنين حينما واتته ظروف هجرته وتسرب إلى سطح الأرض ، أو إلى أعماق غير بعيدة ، كما ذكرنا من قبل . وكان الناس يجدونه إمّا على شكل بِرَك مالت إلى التصلّب لتبخّر المواد الخفيفة منه ، أو يتتبّعون آثاره بواسطة حُفَرٍ .
وقد استعملوه لأغراض عديدة كطلاء السفن والبنايات ، وإحكام أجزائها لمنع تسرب الماء إلى داخلها ، ودواء لبعض العلل الجلدية للإنسان والحيوان .
وقد ورد ذكر البترول في تواريخ الحضارات الغابرة بوادي النيل ، وأرض الرافدين ، وسوريا لما كان له من أهمية في توفير وتيسير خدمات جليلة كالتدفئة ، والإضاءة ، وبعض تقنيات الحرب . وفي بلاد فارس عَبَدَ الناس النار المقدسة شديدة الإشعاع ، التي لا تنطفئ ، والخالية من الدخان .
وهي في الحقيقة نار غازٍ تسرب من الصدوع إلى الخارج ، وتسببت الصواعق المرافقة للعواصف الرعدية في إشعاله . بقيت علاقة الإنسان بالبترول على تلك الحال المذكورة حتى القرن التاسع عشر حين تطلع الناس إلى أنواع أجود وأرقى من الوقود يتلائم مع جديد منتوجات النهضة الصناعية ، كبعض وسائل الإنارة .
وفي منتصف القرن (1852 ـ 1855 م) طور العلماء في بريطانيا ، والولايات المتحدة ، وكندا ، تقنيات لاستخلاص زيت إضاءة من البترول الخام بدون مخلفات بعد الإحتراق ، ووضعوا جدولا رسميا يُحْصي بعض مشتقاته . ثم تطور الأمر إلى التفكير في حفر آبار ، وكانت أول تجربة بألمانيا بين سنة 1857 - 1859 م .
لكن التجربة التي أخذت صداها الكامل في العالم
هي تجربة " إدوين درايك " Edwin R. Drake ،
في بنسلفانيا Pennsylvanie ، بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1859 م ، حينما حفر آبارا بِنِيّةِ الوصول إلى المنبع الأم لنفط بنسلفانيا ، واعتُبرت بداية لعهد الصناعة البترولية الحديثة . وأصبح البترول منذ ذلك التاريخ هو الشغل الشاغل للعلماء والمختصّين ، وانكبّوا على دراسته ، ووضع الفرضيات والتفاسير لتكوينه ، وحركته ، وتجمّعه بباطن الأرض .
وعند اختراع السيارات ، ودخول أمم العالم في حروب شاملة
( خاصة الحرب العالمية الأولى ) ،
أصبحت الطاقة البترولية مسألة حياة أو موت ،
واستحق النفط بِحقٍّ لقب
" روح الحضارة العصرية " .
0 التعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بك... تفضل بكتابة تعليقك او مشاركتك وسيتم عرضها لدينا *** رآيك يهمنا ***